تحتضن مدينة صفاقس (270 كلم جنوب العاصمة تونس) واحدا من أقدم الأسواق في
المنطقة، وهو سوق "الرباع" الذي يعود إلى مئات السنين، ويعكس بتصميمه
وبمحتوياته التاريخ العريق لثانية كبرى المدن التونسية.
وقد
أنشئ هذا السوق عام 849 ميلادية، وهو التاريخ نفسه الذي بنيت فيه مدينة صفاقس
المدينة الصناعية والزراعية الكبيرة.
ووفقا للمؤرخ أبي بكر عبد الكافي صاحب كتاب "تاريخ صفاقس"
فإن التسمية الحالية للسوق تعود إلى أنه يضم أربعة أجزاء وهي: الربع
السفلي، والربع العلوي، والربع الشاسع، والربع الضيق، وكل منها يعرض بضائع معينة
كما قال في الكتاب. لكن آخرين يُرجعون التسمية إلى أصول أخرى بينها جلسة التجار
التي تسمى "التربيعة"، أو لدفعهم ربع المداخيل للدولة قديما.
أما يوسف الشرفي، وهو
من مؤلفي كتاب معجم الكلمات والتقاليد الشعبية بصفاقس، فيشير إلى أن أسماء
أخرى أطلقت سابقا على السوق مثل سوق الرهادرة (الرهدار في اللغة الفارسية هو بائع
القماش)، وسوق اللفة (القماش) حيث يصدر هذا السوق القماش باتجاه مدن الشرق.
ويقع سوق الرباع داخل
الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة بصفاقس. وهو عامر بمنتجات وبضائع عديدة محلية
ومستوردة، يعرضها تجار المدينة أمام دكاكينهم المتلاصقة، ذات الأقبية الحجرية
والأشكال المتناسقة العريقة.
ويقع السوق على رقعة
جغرافية مرتفعة عن سطح الأرض بنحو متر، وهو عامل طبيعي أضاف إليه مسحة جمالية
خاصة، وجعله قبلة التجار ومقصد العائلات والرحلات الترفيهية.
ومن السلع المتوفرة فيه
اللباس التقليدي التونسي مثل "السفساري" (اللباس التقليدي الذي كانت
ترتديه المرأة التونسية قديما عند خروجها من المنزل)، والحُجُب، والملابس بمختلف
أنواعها وأصنافها، و"الكَبُّوس" (الشاشية أو القبعة التونسية ذات اللون
الأحمر المميز)، فضلا عن العطور التي تملأ أرجاء السوق.
وحديثا، غزت
"الرباع" منتجات قادمة من أسواق عديدة كالسوقين التركي والسوري. وفصل
الصيف هو موسم ربح التجار، حيث يكتظ السوق بالزائرين والعائلات التونسية لاقتناء
حاجيات المناسبات ومستلزمات الأفراح من أعراس وحفلات ختان.
أما السياح الأجانب،
فيكتفون بالتمتع والتجول والتقاط الصور واقتناء بعض المعروضات البسيطة الخفيفة
الوزن التي لا يجدون غالبا مثلها خارج سوق الرباع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق