إشتهرت تونس بالزربية و المرقوم و الكليم إضافة إلى أصناف أخرى من المعلقات الحائطية و النسيج. فمن الشمال إلى الجنوب, في المدن و القرى, عبر الزمان و إلى هذا اليوم تعتبر أنشطة النسيج منتشرة بغزارة في كل الجهات.
إنّ قطعة النسيج الواحدة, إلى جانب تلبيتها للحاجيات اليومية الإستعماليّة, فهي أحيانا توظف في عديد الأغراض الأخرى مثل الفليج, الحمل, الغرارة, الوزرة, الحولي, الحمبل و القتيف. و كلها أنواع من النسيج التي تأثر زخرفها بأنماط الزينة المتواجدة على اللباس و كذلك بالخصوصيات الجهوية.
الزربية
تروي الأسطورة, أن "كاملة" إبنة محمد الشاوش والي القيروان من أصل تركي, هي أول من أدخلت للمدينة سنة 1830 صناعة الزربية ذات العقد المستوحاة من النمط الأنضولي.
إلاّ أنّ نسج الزربية في الحقيقة, يعود إلى ما قبل تاريخ هذه الرواية. و اليوم تشهد جميع الجهات في تونس إنتشارا كبيرا لصناعة الزربية ذات العقد.
إنّ الزربيّة القيروانية الأصيلة نسيج خشن من الصوف الطبيعي أو المصبوغ يتميز في مظهره بحاشية تتكون من أشرطة متوازية حيث تنتشر زخارف زهريّة أو هندسية تتوسط هذه الحاشية مساحة مستطيلة ذات ركنيات و يتوسط هذا الحقل المسدس محراب معيّن الشكل.
لقد تطور إنتاج الزربية في تونس بفضل تحسين المنتوج الذي شهد نقلة حقيقية على مستوى الدقة (عدد العقد في المتر المربع) و تقنيات معالجة و إنتاج المواد المكونة للزربية (كالصوف و الحرير و القمراية) و كذلك العناصر الجمالية ( التركيبة, النماذج, سلم الألوان).
إن رقة العقد في الزربية التونسية تغلب على هندسة الأشكال مما يضفي عليها هدوءا يميزها عن غيرها لما تنفرد به من تناغم ألوان لا تعلم سره إلاّ الحرفيات التونسيات.
إنّ الزرابي التونسيّة من الصوف أو الحرير هي لوحات زينة على درجة عالية من الإبداع و الجمال.
أنواع الزربية
البربرية
كل شئء فيها يعبر عن عنصر هام في بيئتنا الثقافية. فالعلامات والألوان لها دلالتها، أرضيتها بيضاء وخامتها خشنة وسميكة. زخارفها مستوحاة من "الوشام" وألوانها طبيعية من صوف الخروف الأبيض والأسود والبني.
الكلاسيكية
يتوسطها محراب محاط بأشرطة متوازية وتنتشر فيها زخارف زهرية أو هندسية مستوحاة من زرابي القيروان العريقة رمز تراثنا. وتغطي عليها ألوان متعددة من أحمر وأخضر وأزرق، كما تحاك أيضا بأصواف غير مصبوغة تتدرج من الأسود مرورا بالبني والرمادي إلى الأبيض على غرار زربية "العلوشة".
الشبه كلاسيكية
زرابي قابس وبنزرت تنسج على نفس المنوال القيرواني، أرضيتها تتميز بأشرطة متتابعة رتبت فيها نقوش زريبة القيروان بإحكام. تعممت حياكتها في العديد من المدن وشاع صيتها بكامل البلاد
النسيج المحفوف
يتميز هذا النوع من المفروشات من حيث خصوصياته الجهوية والمحلية الدقيقة، فنجد بقابس "مرقوم وذرف ومرقوم توجان وبقفصة كليم أولاد بوسعد وجبنيانة المشطية وببومرداس الكسية وبسيدي بوزيد الكليم... تنسج هذه المفروشات 100% باليد باعتماد تقاطع خيوط طبيعية من صوف للطعمة مع خيوط من القطن للقيام.بالنسبة للمرقوم ترقم الأشكال حسب دقة 26*25x.
أنواع النسيج
الكليم
الكليم هو نسيج من الصوف متكون من أشرطة ذات لون موحد و متوازية ذات ألوان مختلفة و يستعمل كمعلقة حائطية أو بساط أرضي.
و يعتبر كليم أولاد بوسعد, الأكثر أصالة بدون منازع وهو يجمع بين التزويق المستطيل و العرضي و يؤلف في وسطه مربعين متقاربين فيهما زخرفة غزيرة جدّا.
المرقوم
المرقوم هو نوع آخر من النسيج الصوفي يستعمل بساطا أرضيا. و يتميز على الكليم بنماذجه المنسوجة أو "الرقمة" التي تزينه.
و توجد أنسجة وسط, تجمع بين الأشرطة و مساحات من النسيج المزركش بواسطة "الرقمة".
هذا و إن حافظت مختلف الأنسجة على طابعها التقليدي فإنّها شهدت تنويعا و إثراء من خلال تطعيمها بألوان و رسوم جديدة بفضل الخيال الإبداعي للحرفيي التي تطوّرت في محيط يشهد تطورا ملحوظا, حيث واجهت موجة تعصير كبيرة مع ظهور حاجيات جديدة.
الحولي
لباس رجالي ينسج الحولي من الصوف الأبيض
البرنس
لباس رجالي. ينسج البرنس من الصوف ووبر الجمال
الكتفية
قطعة صغيرة تنسجة خصيصا لتغطي الكتفين ولتحول دون وصول الزيوت والعطور إلى الرداء أو الملحفة تنسج عادة من جيد الصوف الأبيض ثم ترقم وتنقش بالقطن الأبيض لتبدو واضحة على الأرضية الحمراء أو الزرقاء يشدها عند تدليها على الصدر مع الملية عديد الأنواع من الخلة أما رسومها فهي في الغالب من نقوش البخانيق.
البخنوق
الغطاء الرأسي الذي يستر الجزء الخلفي للمرأة وغالبا ما يكون صبغه بأحد اللونين الاحمر في الجبل والأزرق أو الأسود في التجمعات السكنية حول القصور ويكون عبارة عن قطعة من نسيج عادي أبيض أو أسود خال من كل زينة كما يكون عبارة عن قطعة فنية متنوعة الأشكال والنقوش والرسومات الهندسية المستمدة في الغالب من أشكال الوشم.
المشطية
في الساحل الجنوبي تنسج النساء القرويات أغطية رأس مماثلة للبخنوق من حيث الشكل ولكنها مغايرة من حيث الزخرف وتعرف "بالمشطية" وتنسج بالجم وجبنيانة. وهي بصدد التقلص كلباس لكنها آخذة طريقها في الاستعمال كقطعة أثاث في التهيئة العصرية للبيوت.
المنديل
غطاء للرأس منتشر في قرى أخرى من الساحل يتميز بزخرف طريف يتكون من خطوط ومن أهداب الصوف والقطن تحلي طرفي القطعة المستطيلة. وتكون الاهداب عادة بيضاء وسوداء على أرضية بيضاء أو سوداء وحمراء أو بنفسجية عرضية سوداء.
التعجيرة
ترتدي نساء الجنوب تحت البخنوق التعجيرة منسوجة بأيديهن من الصوف. وغالبا ما تكون من االون الأحمر مزخرفا بأشكال منسوجة وأخرى مطرزة. والتعجيرة تكاد تكون مربعة (100سم/115سم) وتزخرف أطرافها وقاعدتها بأشكال منسوجة. أما التطريز فهو يغطي أعلى المنسوج من جهة الرأس ويحلى في وسطه بخمس شرابات مصنوعة يدويا من الحرير الأحمر.
النسيج الحائطي
المنسوج الحائطي, الذي يعود إنتاجه إلى زمن بعيد , يشهد اليوم نهضة حقيقية, و قد أصبح هذا النسيج شكلا من أشكال التعبير الثري و المتنوع.
إن كبار الرسّامين و الفنانين أصبحوا اليوم يهتمون و يقبلون أكثر فأكثر على النسيج الحائطي بفضل مساعدة حرفيات ماهرات, حيث يركزون إبتكاراتهم على البحث في الشكل و التقنيات الأمر الذي كشف ثراء المخزون التراثي التونسي و إمكانيات إبداعية ثابتة.
عدد من هذه المنتوجات تمثل روائع المنسوجات التونسيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق